فصل: قال ابن العربي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن العربي:

قَوْله تَعَالَى: {النَّبيُّ أَوْلَى بالْمُؤْمنينَ منْ أَنْفُسهمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.
فيهَا ستُّ مَسَائلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: في سَبَب نُزُولهَا: رُويَ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ غَزْوَةَ تَبُوكَ أَمَرَ النَّاسَ بالْخُرُوج فَقَالَ قَوْمٌ: نَسْتَأْذنُ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فيهمْ: {النَّبيُّ أَوْلَى بالْمُؤْمنينَ منْ أَنْفُسهمْ}.
وَفي روَايَة عكْرمَةَ: وَهُوَ أَبُوهُمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ.
وَالْحَديثُ في غَزْوَة تَبُوكَ مَوْضُوعٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانيَةُ: رَوَى الْأَئمَّةُ وَاللَّفْظُ للْبُخَاريّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبي عَمْرَةَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا منْ مُؤْمنٍ إلَّا وَأَنَا أَوْلَى النَّاس به في الدُّنْيَا وَالْآخرَة اقْرَءُوا إنْ شئْتُمْ: {النَّبيُّ أَوْلَى بالْمُؤْمنينَ منْ أَنْفُسهمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} فَأَيُّمَا مُؤْمنٍ تَرَكَ مَالًا فَلْيَرثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضيَاعًا فَلْيَأْتني، فَأَنَا مَوْلَاه». اهـ.
فَانْقَلَبَتْ الْآنَ الْحَالُ بالذُّنُوب، فَإنْ تَرَكُوا مَالًا ضُويقَ الْعَصَبَةُ فيه، وَإنْ تَرَكُوا ضيَاعًا أَسْلَمُوا إلَيْه، فَهَذَا تَفْسيرُ الْولَايَة الْمَذْكُورَة في هَذه الْآيَة بتَفْسير النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وَتَعْيينه، وَلَا عطْرَ بَعْدَ عَرُوسٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالثَةُ: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} وَلَسْنَ لَهُمْ بأُمَّهَاتٍ، وَلَكنْ أُنْزلْنَ مَنْزلَتَهُنَّ في الْحُرْمَة، كَمَا يُقَالُ: زَيْدُ الشَّمْس، أَيْ أُنْزلَ في حُسْنه مَنْزلَةَ الشَّمْس، وَحَاتمُ الْبَحْر أَيْ أُنْزلَ في عُمُوم جُوده بمَنْزلَة الْبَحْر؛ كُلُّ ذَلكَ تَكْرمَةً للنَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وَحفْظًا لقَلْبه منْ التَّأَذّي بالْغَيْرَة.
قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ للْأَنْصَار: {تَعْجَبُونَ منْ غَيْرَة سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ منْهُ وَاَللَّهُ أَغْيَرُ منّي}.
وَلهَذَا قَالَ: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه وَلَا أَنْ تَنْكحُوا أَزْوَاجَهُ منْ بَعْده أَبَدًا إنَّ ذَلكُمْ كَانَ عنْدَ اللَّه عَظيمًا}.
وَلَمْ يُنَزَّلْ في هَذه الْحُرْمَة أَحَدٌ مَنْزلَةَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وَلَا رُوعيَتْ فيه هَذه الْخصّيصَةُ، وَإنْ غَارَ وَتَأَذَّى؛ وَلَكنَّهُ مُحْتَمَلٌ مَعَ حَظّ الْمَنْزلَة منْ خَفيف الْأَذَى.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابعَةُ: قَالَ بَعْضُ الْمُفَسّرينَ: حَرَّمَ أَزْوَاجَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ عَلَى الْخَلْق منْ بَعْده، وَإنَّمَا أَخَذَهُ منْ قَوْله: {وَلَا أَنْ تَنْكحُوا أَزْوَاجَهُ منْ بَعْده أَبَدًا إنَّ ذَلكُمْ كَانَ عنْدَ اللَّه عَظيمًا} فَكُلُّ مَنْ طَلَّقَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وَتَخَلَّى عَنْهَا في حَيَاته فَقَدْ اُخْتُلفَ في ثُبُوت هَذه الْحُرْمَة بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ، فَقيلَ: هيَ لمَنْ دَخَلَ بهَا دُونَ مَنْ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُول.
وَقَدْ هَمَّ عُمَرُ برَجْم امْرَأَةٍ فَارَقَهَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ فَنَكَحَتْ بَعْدَهُ، فَقَالَتْ لَهُ: وَلمَ؟ وَمَا ضَرَبَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ حجَابًا وَلَا دُعيت أُمَّ الْمُؤْمنينَ.
فَكَفَّ عَنْهَا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} اخْتَلَفَ النَّاسُ، هَلْ هُنَّ أُمَّهَاتُ الرّجَال وَالنّسَاء، أَمْ هُنَّ أُمَّهَاتُ الرّجَال خَاصَّةً، عَلَى قَوْلَيْن: فَقيلَ: ذَلكَ عَامٌّ في الرّجَال وَالنّسَاء.
وَقيلَ: هُوَ خَاصٌّ للرّجَال؛ لأَنَّ الْمَقْصُودَ بذَلكَ إنْزَالُهُنَّ مَنْزلَةَ أُمَّهَاتهمْ في الْحُرْمَة، حَيْثُ يُتَوَقَّعُ الْحلُّ، وَالْحلُّ غَيْرُ مُتَوَقَّعٍ بَيْنَ النّسَاء، فَلَا يُحْجَبُ بَيْنَهُنَّ بحُرْمَةٍ.
وَقَدْ رُويَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لعَائشَةَ: يَا أُمَّاه.
فَقَالَتْ: لَسْت لَك بأُمٍّ، إنَّمَا أَنَا أُمُّ رجَالكُمْ، وَهُوَ الصَّحيحُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضُهُمْ أَوْلَى ببَعْضٍ في كتَاب اللَّه} وَقَدْ قَدَّمْنَا الْقَوْلَ في ذَلكَ في سُورَة الْأَنْفَال.
وَثَبَتَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ الزُّبَيْر وَبَيْنَ كَعْب بْن مَالكٍ، فَارْتَثَّ كَعْبٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ به الزُّبَيْرُ يَقُودُهُ بزمَام رَاحلَته، فَلَوْ مَاتَ يَوْمَئذٍ كَعْبٌ عَنْ الضّحّ وَالرّيح لَوَرثَهُ الزُّبَيْرُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضُهُمْ أَوْلَى ببَعْضٍ في كتَاب اللَّه إنَّ اللَّهَ بكُلّ شَيْءٍ عَليمٌ}.
فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْقَرَابَةَ أَوْلَى منْ الْحَلف، فَتُركَتْ الْمُوَارَثَةُ بالْحَلف، وَوَرثُوا بالْقَرَابَة، وَقَوْلُهُ: {منْ الْمُؤْمنينَ وَالْمُهَاجرينَ} يَتَعَلَّقُ حَرْفُ الْجَرّ بأَوْلَى، وَمَا فيه منْ مَعْنَى الْفعْل، لَا بقَوْله: {وَأُولُو الْأَرْحَام} بإجْمَاعٍ، لأَنَّ ذَلكَ كَانَ يُوجبُ تَخْصيصَهَا ببَعْض الْمُؤْمنينَ، وَلَا خلَافَ في عُمُومهَا، وَهَذَا حَلُّ إشْكَالهَا. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {النَّبيُّ أَوْلَى بالْمُؤْمنينَ منْ أَنفُسهمْ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أنه أولى بهم من بعضهم ببعض لإرساله إليهم وفرض طاعته عليهم، وقاله مقاتل بن حيان.
الثاني: أنه أولى بهم فيما رآه له بأنفسهم، قاله عكرمة.
الثالث: أنه كان في الحرف الأول: هو أب لهم. وكان سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد غزاة تبوك أمرالناس بالخروج فقال قوم منهم نستأذن آباءنا وأمهاتنا فأنزل الله فيهم هذه الآية، حكاه النقاش.
الرابع: أنه أولى بهم في قضاء ديونهم وإسعافهم في نوائبهم على ما رواه عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا من مُؤمنٍ إلاَّ أَنَا أَولَى النَّاس به في الدُّنيَا وَالآخرَة اقْرَأُوا إن شئْتُم {النَّبيُّ أَوْلَى بالمُؤْمنينَ منْ أَنفُسهمْ} فَأَيُّمَا مُؤْمنٍ تَرَكَ مَالًا فَلْتَرثْهُ عُصْبَتُهُ مَن كَانُوا، وَإن تَرَكَ دَينًا أَوْ ضيَاعًا فَلْيَأْتني فَأَنَا مَوْلاَهُ».
{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} يعني من مات عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه هن كالأمهات في شيئين.
أحدهما: تعظيم حقهن.
الثاني: تحريم نكاحهن. وليس كالأمهات في النفقة والميراث.
واختلف في كونهن كالأمهات في المحرم وإباحة النظر على الوجهين:
أحدهما: هن محرم لا يحرم النظر إليهن لتحريم نكاحهن.
الثاني: أن النظر إليهن محرم لأن تحريم نكاحهن إنما كان حفظًا لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهن فكان من حفظ حقه تحريم النظر إليهن ولأن عائشة رضي الله عنها كانت إذا أرادت دخول رجل عليها أمرت أختها أسماء أن ترضعه ليصير ابنًا لأختها من الرضاعة فيصير محرمًا يستبيح النظر.
وأما اللاتي طلقهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته فقد اختلف في ثبوت هذه الحرمة لهن على ثلاثة أوجه:
أحدها: تثبت لهن هذه الحرمة تغليبًا لحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: لا يثبت لهن ذلك بل هذه كسائر النساء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أثبت عصمتهن وقال: أزواجي في الدنيا هن أزواجي في الآخرة.
الثالث: أن من دخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم منهن ثبتت حرمتها ويحرم نكاحها وإن طلقها حفاظًا لحرمته وحراسة لخلوته ومن لم يدخل بها لم يثبت لها هذه الحرمة، وقد همّ عمر بن الخطاب برجم امرأة فارقها النبي صلى الله عليه وسلم فنكحت بعده فقالت: لم هذا وما ضرب عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجابًا ولا سميت للمؤمنين أمًا، فكف عنها.
وإذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فيما ذكرناه فقد اختلف فيهن هل هن أمهات المؤمنات على وجهين:
أحدهما: أنهن أمهات المؤمنين والمؤمنات تعظيمًا لحقهن على الرجال والنساء.
الثاني: أن هذا حكم يختص بالرجال المؤمنين دون النساء لاختصاص الحظر والإباحة بالرجال دون النساء. وقد روى الشعبي عن مسروق عن عائشة أن امرأة قالت لها يا أماه فقالت لست بأم لك أنا أم رجالكم.
{وَأُوْلُوا الأَرْحَام بَعْضُهُمْ أَوْلَى ببَعْضٍ في كتَاب اللَّه منَ الْمُؤْمنينَ وَالْمُهَاجرينَ}.
قيل إنه أراد بالمؤمنين الأنصار، وبالمهاجرين قريشًا. وفيه قولان:
أحدهما: أن هذا ناسخ للتوارث بالهجرة حكى سعيد عن قتادة قال كان نزل في الأنفال {وَالَّذينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يُهَاجرُوا مَا لَكُمْ مّن وَلاَيَتهمْ مّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجرُوا} فتوارث المسلمون بالهجرة فكان لا يرث الأعرابي المسلم من قريبه المهاجر المسلم شيئًا ثم نسخ ذلك في هذه السورة بقوله: {وَأُوْلُوا الأَرْحَام بَعْضُهُم أَوْلَى ببَعْضٍ}.
الثاني: أن ذلك ناسخ للتوارث بالحلف والمؤاخاة في الدين روى هشام بن عمرو عن أبيه عن الزبير بن العوام قال أنزل فينا خاصة معشر قريش والأنصار لما قدمنا المدينة قدمناه ولا أموال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فآخيناهم فأورثونا وأورثناهم، فآخى أبو بكر خارجة بن زيد وآخيت أنا كعب بن مالك، فلما كان يوم أُحد قتل كعب بن مالك فجئت فوجدت السلاح قد أثقله فوالله لقد مات ما ورثه غيري حتى أنزل الله هذه الآية فرجعنا إلى مواريثنا.
قوله تعالى: {في كتَاب اللَّه} فيه وجهان:
أحدهما: في القرآن، قاله قتادة.
الثاني: في اللوح المحفوظ الذي قضى أحوال خلقه، قاله ابن بحر.
{منَ الْمُؤْمنينَ وَالْمُهَاجرينَ} يعني أن التوارث بالأنساب أولى من التوارث بمؤاخاة المؤمنين وبهجرة المهاجرين ما لم يختلف بالمتناسبين دين فإن اختلف بينهما الدين فلا توارث بينهما روى شهر بن حوشب عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَتَوَارَثُ أَهْلُ ملَّتين».
{إلاَّ أَن تَفْعَلُوا إلَى أَوْليَائكُمْ مَّعْرُوفًا} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أنه أراد الوصية للمشرك من ذوي الأرحام، قاله قتادة.
الثاني: أنه عنَى الوصية للحلفاء الذي آخى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، قاله مجاهد.
الثالث: أنه أراد الذين آخيتم تأتون إليهم معروفًا، قاله مقاتل بن حيان.
الرابع: أنه عنى وصية الرجل لإخوانه في الدين، قاله السدي.
{كَانَ ذَلكَ في الْكَتَاب مَسْطُورًا} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: كان التوارث بالهجرة والمؤاخاة في الكتاب مسطورًا قبل النسخ.
والثاني: كان نسخه بميراث أولي الأرحام في الكتاب مسطورًا قبل التوارث.
الثالث: كان أن لا يرث مسلم كافرا في الكتاب مسطورًا.
وفي {الْكتَاب} أربعة أوجه:
أحدها: في اللوح المحفوظ، قاله إبراهيم التيمي.
الثاني: في الذكر، قاله مقاتل بن حيان.
الثالث: في التوراة أمر بني اسرائيل أن يصنعوا مثله في بني لاوي بن يعقوب حكاه النقاش.
الرابع: في القرآن، قاله قتادة.
قوله تعالى: {وَإذْ أَخَذْنَا منَ النَّبيّينَ ميثَاقَهُمْ}.
فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ميثاقهم على قومهم أن يؤمنوا بهم، قاله ابن عباس.
الثاني: ميثاق الأمم على الأنبياء أن يبلغوا الرسالة إليهم، قاله الكلبي.
الثالث: ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضًا، قاله قتادة.
{وَمنكَ وَمن نَّوحٍ وَإبْرَاهيمَ وَمُوسى وَعيسَى ابْن مَرْيَمَ} روى قتادة عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله تعالى: {وَإذْ أَخَذْنَا منَ النَّبيّينَ ميثَاقَهُمْ وَمنكَ وَمنَ نُّوحٍ} قال: «كُنتُ أَوَّلَهُم في الخَلْق وَآخرَهُم في البَعْث».
{وَأَخَذْنَا منْهُم مّيثاقًا غَليظًا} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الميثاق الغليظ تبليغ الرسالة.
الثاني: يصدق بعضهم بعضًا.
الثالث: أن يعلنوا أن محمدًا رسول الله، ويعلن محمد أنه لا نبي بعده.
وفي ذكر من سمى من الأنبياء مع دخولهم في ذكر النبيين وجهان:
أحدهما: تفضيلًا لهم.
الثاني: لأنهم أصحاب الشرائع.
قوله تعالى: {لّيَسْأَلَ الصَادقينَ عَنَ صدْقهمْ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: ليسأل الأنبياء عن تبليغهم الرسالة إلى قومهم، حكاه النقاش. الثاني: ليسأل الأنبياء عما أجابهم به قومهم، حكاه النقاش ابن عيسى.
الثالث: ليسأل الأنبياء عن الوفاء بالميثاق الذي أخذه عليهم، حكاه ابن شجرة.
الرابع: ليسأل الأفواه الصادقة عن القلوب المخلصة. اهـ.